ثورة الخرفان

يحكى أنه في أحد الأزمان, و في بلد شعاره بالأمن و الأمان يحيى هنا الإنسان, انتفضت الخرفان وخرجت للشارع قطعانا قطعان, بعد أن احترق زين “الكبشان”, و استوفى الجزار كل فرص الغفران,

 فهدمت المسالخ و كفرت بما كان من الأديان, و اتبعوا دينا جديدا يسوي بين الذئب و الخرفان, والقط و الجرذان. و تعلم الجزار الطيران و بايعت الخرفان من كان خلف القضبان

فاجتمع بنو قرشان, عبدة هبل و بورقيبة مان (سوبرمان) أذيال التجمع و زين الغربان, متصنعين الوداعة متنكرين كالحملان, كاضمين غيضا مضمرين شرا لمن ثار عليهم من الخرفان.

 قال كبير الرهبان لأتباعه من الضربان: فبحيث, اليوم اجتمعنا تجمع الخلان, لنعيد مجدا و ملكا قد زال. وإني لزمان قد ولى أسفان ولهان و لدماء الخرفان جوعان عطشان, فمن كان في جعبته حيلة أو  آلة للرجوع في الزمان فليسعفنا بها في أقرب آن , لنكون نحن و أموالنا  في الحفظ والأمان

أجابه الأنتن ابن أبي ضربان: لنخرج على الناس صائحين   مولولين, و لنملئ الصحف بالصراخ و العويل, و لنشتر ذمم  الجراد من النقابيين بأموال رجال الأعمال الكاملين اللطيفين, و لنكن لكل طريق قاطعين, و بالإضرابات لحقوق العمال ناهبين, و بالإنقلاب على الشرعية فاعلين, فإنه لهو النهج القويم نحو النصر المبين,

تعالت الحناجر بالعواء و المواء إعجابا لما تفتقت به قريحة ابن أبي ضربان, و أخذ المصدح شلكان  ابن أبي علمان ممن ليس لهم ملة أو دين يدان ,عابسا متجهما نظر للحضور قائلا ليس بهذا نرجع للوراء, إن أتباع هذا الدين القديم الجديد لا يجدي معهم دجل إعلام مريد, إنهم في كل مسجد يخطبون, و على كل منبر يحذرون و بعقيدتنا مستهزئون  و لكل مخطط لنا فاضحون, و برب الأرباب كافرون, الذي لولاه لما عرفوا ورقا في المراحيض, و لزالوا كما كانوا في الحضيض,

إنهم لقرآننا محرفون, و بتعاليم حداثتنا على الحائط ضاربون, أفغير العصا في العجلة أراكم واضعين و للخطر المحدق بنا محضّرين؟

كلا إنكم لمقدمون على الجبل بقادومة, و على الطوفان بسحابة,و على المشانق بابتسامة و إن الرأي كل الرأي هو أن نضرب قبل أن نٌضرب,  و أن نَشنق قبل أن نُشنق, و ليس طلبنا بالبعيد و بين أيادينا الإعلام المريد و الإتحاد الصنديد, فوجوهنا ابيضت بعد أن كانت كالحة و جموعنا مكتملة بعد أن كانت  مشتة, و الفضل كل الفضل للإعلام و الإتحاد

لم يعد لنا غير  تصيد اللحظة الحاسمة و خوض الانتخابات القادمة و الخروج للشارع و ضرب الضربة القاضية

ارتسمت علامات  الذهول على الحضور, و ساد على المجمع صمت القبور, و لم يقطع حبل الصمت غير صوت عجوز  من الغابرين مرتدية لبس فتاة في العشرين, قائلة نعما المشورة و   الرأي هو يا ابن أبي علمان, علينا إرجاع البلاد إلى  سالف عهدها من الأمن و الأمان, و سجن كل من ابتعد عن تعاليم القرآن, و  تعذيب كل داع للفتنة و الهيجان, و ليكن شعارنا الحديث الشريف  معا لرفع التحديات من المهد حتى الممات

ما إن أكملت العجوز الشمطاء آخر كلماتها حتى وقف كبير , الرهبان صائحا, هيا نزوروا  شيخنا  يا فقرا  ’ هيا نزوروا شيخنا يا فقرا, هيا نزورو شيخنا يا فقرا سيدي حبيب بورقيبة نزورو نبرا

وقف الجميع مرددين هاتفين هيا نزورو شيخنا يا فقرا هيا نزورو شيخنا يا فقرا سيدي حبيب , بورقيبة نزورو نبرا.  تعالت  الأهاجيز و الزغاريد و تدافع الجميع نحو باب الخروج   مهللين مكبرين, راقصين شاطحين, يتقدمهم بندير مان ببنديره’ و القصاص بلواجاته صائحا فيهم ” المستير بلاصة, المستير بلاصة” , ركب الجميع و هم فرحون مسرورون مبتهلون مستبشرون,و كان في أول الرتل مجموعة من الفنانين يعزفون و ينشدون أناشيد ثورية لملئ النفوس و شحذ الهمم, كــيا عمي الشيفور امشي دبا دبا, و  عشيباني وسع, و الله أحد الله أحد بونا الحنين ما كيفو حد, آه يا زين  آه  يا زين آه زين العابدين,  وغيرها من الأهازيج و الهتافات التي   تطعم الروح ايمانا و النفس ثورة و هيجانا

سار الموكب بكل رهبة و خشوع,  يقودهم كبير الرهبان و  كل   نذل و طحان, حاجين معتمرين إلى بيت المجاهد الأكبر زعيم الجرذان,  و كلهم أمل في صك الغفران, و أن تغشو ذاكرة الشعب غاشية النسيان.

لكن هيهات هيهات, فالعجل بعد رقاده ها هو آت,معوضا من الوقت ما قد مضى و فات, و جاعلا من اعتلى على صهوة  العشيقة غبارا و فتات,

انتهت القصة لكن الثورة لم تنته بعد…

تنبيه:كل  أحداث هذه الثورة  من نسج الخيال و أي تشابه في الأسماء أو الأحداث هو من محض صدفة,

و كما يقول كبير الرهبان الي يشد  قناص يجيبهولي