الريح والشمس

يحكى أنه في فترة انتقالية إلتقت صدفة سحابة دكتاتورية بشمس ديمقراطية على مشارف أرض ثورية فوجدا فيها شعبا لا يعرف من اللبس غير الأمل بالحرية.

قالت سحابة الدكتاتورية لشمس الديمقراطية دعينا نرى من منا أكثر حيلة و أقوى وسيلة و لننزع عن الشعب رداء الحرية, وافقت شمس الديمقراطية و ارتضت أن يرحل الأخسر عملا عن أرض الثورة و الحرية.

بدأت سحابة الدكتاتورية تنفخ ريحا هكريموجانية و تصب أمطارا رصاصية, راعدة هيبة دولية , بارقة وعودا بنفسجية, إلا أن الشعب لم يتخلى عن إزاره ساتر عوراته و مواري سوءاته, و كلما اشتد النفخ إلا و كبر الأمل, و صاح الشهيد أين القناص و صاح الفقير أين القصاص.

نفخ نفخ , حتى انتفخت أوداجه و تساقطت أحناكه  و لم يبق في جعبته من حيلة غير التنحي بكل روح رياضية.

ابتسمت شمس الديمقراطية و ربتت على كتفه بكل حنية و سلطت سوط حرية على شعب متعطش للعدالة مشتاق للحرية. تساقطت قطرات العرق من جبين الشعب لتسيل أنهارا على الطرقات, فتقطعها اضرابات و اعتصامات, و تكون الغلبة لمن استبدل جذوة الثورة بنار النرجسية

ما لبثت أن بعثت شمس الديمقراطية أنوار الشرعية الإنتخابية و أضواء المعارضة الحزبية لتصير أرض الثورة بؤرة ضوئية و حالة صوتية مرضية, فيصيح الموظف أين الزيادة في الشهرية  ويطالب الفنان بالمزيد من الحرية,

سرعان ما أرسلت الجماعات الإرهابية لتعلم الشعب جوهر الديمقراطية, فقصفت الجبال و قتل الرجال و مسخ الشعب جرذانا لهم رؤوس الخرفان. فنزع عن نفسه رداء الحرية فاضحا عوراته و سوآته, لاعنا الحرية كافرا بالروح الثورية.

بهتت السحابة الدكتاتورية من دهاء و حنكة الشمس الديمقراطية, و أقسمت أن لا تعود لأرض تحكمها أحكام الديمقراطية, فهي الأقدر على جعل الخروف يأكل خروفا, و الحمار يركب حمارا, و تدفن وطنا في صندوق انتخابات